جماجم المقاومة: من باريس إلى أفريقيا في quest العدالة

جماجم المقاومة: من باريس إلى أفريقيا في quest العدالة

في حالة مواجهة أي مشاكل أثناء مشاهدة الفيديو، يمكنك الضغط على رابط المصدر لمتابعته على الموقع الرسمي.

إعادة الجماجم: خطوة تاريخية نحو العدالة

في خطوة اعتبرت تاريخية، قامت فرنسا في 26 أغسطس 2025 بتسليم ثلاث جماجم تعود لأفراد من مجموعة الساكالافا العرقية إلى مدغشقر، ومن بينها جمجمة يُعتقد أنها تخص الملك تويرا، الذي أُعدم على يد القوات الفرنسية عام 1897 خلال فترة استعمارية دموية. تم تنظيم مراسم التسليم في وزارة الثقافة الفرنسية بحضور وزيرة الثقافة في مدغشقر، فولاميرنتي دونا مارا، التي اعتبرت الحدث لحظة مؤثرة للذاكرة الوطنية، مشددة على أن هذه الجماجم لا تعتبر مجرد ممتلكات، بل هي روابط غير مرئية تجمع بين الحاضر والماضي.

تأتي هذه الخطوة الأولى من نوعها بموجب القانون الفرنسي الجديد الذي صدر عام 2023، والذي يسهل إعادة الرفات البشرية، مما يعيد فتح ملف حساس حول احتفاظ فرنسا بجماجم العديد من المقاومين الأفارقة، خاصة الجزائريين الذين قُتلوا خلال حقبة الاستعمار، ولا تزال جماجمهم مُخزنة في متحف الإنسان بباريس في انتظار تصرف مماثل.

استعادة الذاكرة: جزائريون في انتظار الإنصاف

منذ أن كشف المؤرخ الجزائري علي فريد بلقاضي في عام 2011 عن وجود أكثر من 500 جمجمة تعود لمقاومين جزائريين في متحف الإنسان، تصاعدت الأصوات في الجزائر للمطالبة باستعادتها. ومع ذلك، لم تعيد فرنسا سوى 24 جمجمة في يوليو 2020، وهذه الخطوة وُصفت بأنها رمزية وغير كافية. تعود هذه الجماجم لأسماء بارزة في تاريخ المقاومة الشعبية مثل الشريف بوبغلة وسي مختار، الذين قُتلوا خلال الحملات العسكرية الفرنسية في القرن التاسع عشر وتم نقل جماجمهم إلى باريس كـ”تذكارات حرب”.

خلال مراسم تسليم جماجم مدغشقر، اعتبرت وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي أن الحدث يمثل اكتمال مسار تاريخي وعلمي وذاكرة، معترفة بأن الجماجم كانت محفوظة في ظروف تنتهك كرامة الإنسان. رغم ذلك، لا يزال الاعتراف مفقودًا في حالة الجزائر، بالرغم من التشابه في السياق التاريخي والرمزية السياسية. وقد وصف النائب الفرنسي كارلوس مارتينز بيلونغو الجماجم الجزائرية بأنها بقايا بشرية تم التعامل معها كبضائع علمية، مطالبًا بإعادة دفنها بشكل يحترم كرامتها.

يمثل القانون الفرنسي لعام 2023 تحولًا كبيرًا في السياسة، حيث ألغى الحاجة إلى تشريع خاص لكل حالة استعادة، مما يفتح باب إعادة الرفات البشرية من المجموعات الوطنية. تم استخدامه لأول مرة في حالة مدغشقر، مما يجعل من جماجم الجزائر اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام فرنسا بمبدأ العدالة التاريخية، بدلًا من الاكتفاء بتعويضات رمزية.

لا يُعتبر عرض الجماجم في المتاحف الفرنسية مجرد ابقاء على الجوانب العلمية، بل يواصل نهج الهيمنة الثقافية، حيث تتحول أجساد المقاومين إلى قطع أثرية تُعرض للزوار، مما يُهمل كرامتهم الإنسانية. وقد تم طرح مقترح قانون فرنسي يتناول ضرورة إعادة دفن هذه الجماجم أو تسليمها إلى بلدانها الأصلية.

إن إعادة جماجم مدغشقر تُعتبر بداية لمسار اعترافي، لكنها تثير سؤالًا أساسياً حول نية فرنسا في مراجعة شاملة لإرثها الاستعماري. لا تزال الجماجم الجزائرية جرحًا مفتوحًا في الذاكرة الوطنية، وغيابها عن أرضها يُعتبر استمرارية للإهانة الاستعمارية. فهل حان الوقت لفرنسا لمواجهة ماضيها الاستعماري بشجاعة وبتصميم حقيقي؟

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *