بينما كان مازن عبدالله يستطيع العودة إلى منزله في محافظة الحديدة خلال ثلاث ساعات فقط عبر منفذ الطوال قبل الحرب، فإنه اليوم يواجه رحلة مضنية تمتد لأربعة أيام عبر الصحراء للوصول إلى منفذ الوديعة البعيد. يعكس هذا التحول الجذري من رحلة مريحة وسريعة إلى رحلة طويلة وصعبة أبعاد المأساة الإنسانية والاقتصادية الناتجة عن إغلاق المنفذ البري الرئيسي الذي يربط بين اليمن والسعودية منذ منتصف عام 2015.
### معاناة إنسانية مستمرة: العودة للوطن كابوس
تأثر المئات من الآلاف من اليمنيين بشكل مدمر جراء أزمة إغلاق منفذ الطوال، حيث فقد الكثيرون القدرة على زيارة عائلاتهم. على سبيل المثال، لم يتمكن مازن، الذي يقيم في جيزان ويعمل في مزرعة براتب متواضع، من رؤية أسرته إلا مرتين منذ بداية النزاع، آخرها قبل ثلاث سنوات. ويعاني المسافرون عبر منفذ الوديعة من مشاق السفر والتكاليف المرتفعة التي تفوق قدرة الكثيرين.
### أزمة مماثلة لعائلات أخرى
يشير وضع محمد ناجي الحرضي إلى معاناة مشابهة؛ فقد انقطعت زياراته لعمه في صبيا السعودية منذ ثماني سنوات. الفجوة التي نشأت ليست مجرد عائق لوجستي، بل تحطم الروابط الثقافية والاجتماعية بين العائلات. الأرقام تعكس مدى الأزمة العميقة، حيث تتحول الأعباء المالية إلى أزمة أكبر بمجرد إعادة فتح المنفذ.
### انهيار اقتصادي شامل: طريق مسدود
تسبب إغلاق منفذ الطوال في وقوع أزمة إنسانية بالإضافة إلى انهيار اقتصادي حاد. كان المنفذ يعتبر شريان حياة لنقل جزء كبير من الصادرات الزراعية اليمنية. مزارعون مثل شوعي أحمد أدبع، الذي يعتمد على تصدير الفواكه، يواجهون تحديات كبيرة، مما يضطرهم في العديد من الأوقات للبيع بأسعار مخفضة في السوق المحلية. وفي الوقت نفسه، يعاني صيادون مثل محمد سالم نجري من انخفاض أسعار الأسماك، مما أثر على قدرتهم على تغطية نفقاتهم التشغيلية.
### تحولات مأساوية في العمالة
تحولت مدينة حرض، المعروفة بنشاطها الاقتصادي، إلى مدينة خالية. سليمان عبده، الذي كان يعمل في وظيفة مستقرة، أصبح نازحًا واضطر للعمل في وظائف لا تكفي لتلبية احتياجات أسرته. هذا الشكل من التبديل يوضح التأثير المقارب للأزمات على الحياة اليومية للأسر التي تعتمد على العلاقات العمل والتجارة.
### الطوال: بوابة التعافي الاقتصادي
تمثل إعادة فتح منفذ الطوال فرصة حيوية لاستعادة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية التي تربط اليمن بالسعودية. بموقعه الاستراتيجي، يحمل المنفذ القدرة على استعادة النشاط الاقتصادي في المنطقة وتعزيز التبادل التجاري والثقافي. الفوائد المتوقعة تتجاوز الجانب الاقتصادي، وتحمل أهمية اجتماعية وثقافية تعزز الروابط بين المجتمعات عبر الحدود.
تعتبر الحاجة الملحة لاستعادة الحركة التجارية ضرورية لضمان استفادة المزارعين والصيادين من الأسعار العادلة، مما يعيد النشاط للاقتصاد. كما أن فتح خطوط النقل سيمكن من تبادل المعرفة والخبرات في مجالات مثل الصحة والتعليم، مما يسهم في تطوير المجتمعات.
### تحقيق شراكات جديدة
يمكن أن يحمل إعادة الفتح فرصًا كبيرة لتوسيع الاستثمارات في العديد من القطاعات، من الزراعة إلى الصناعات الغذائية، مما يجعل المنفذ نقطة محورية للتنمية الإقليمية. إن تحقيق الاستقرار الاقتصادي على المستوى العائلي والمحلي ليس مجرد حلم، بل يمكن أن يصبح واقعًا إذا تم فتح طرق جديدة للتواصل والتعاون.
تكمن الفائدة الأمنية في دعم اقتصاد مستقر ضد التطرف والنزاعات، ما يعد استثمارًا طويل الأمد في السلام والاستقرار. ينبغي اعتبار تطوير المنفذ خطوة استراتيجية نحو بناء مستقبل مزدهر وأكثر استقرارًا للمنطقة، حيث تنتقل الأولويات من النزاعات إلى التعاون والتواصل.
اترك تعليقاً