تمكين الشباب السعودي في مواجهة التحديات الإعلامية الحديثة

تمكين الشباب السعودي في مواجهة التحديات الإعلامية الحديثة

في زمن تتسارع فيه وتيرة وسائل الإعلام وتتكامل فيه المنصات الرقمية، يواجه شبابنا – الذين يمثلون قلب رؤية السعودية 2030 – تحديات مستمرة في التعامل مع سيول المعلومات. يمثل الإعلام السعودي اليوم مرحلة حيوية من التحول الوطني الاستراتيجي، حيث يتمحور حول تعزيز الوعي وإعلاء الهوية والانفتاح المسؤول على العالم.

### أهمية التربية الإعلامية كضرورة وطنية

تتجلى الحاجة الملحة لإدماج مقرر التربية الإعلامية في التعليم العام بدءًا من المرحلة المتوسطة، ويجب أن تُعتبر هذه المادة جزءًا أساسيًا تعزز من الحماية الفكرية لشبابنا وتساعدهم على مواجهة التضليل. تؤهل هذه التربية الأجيال الجديدة ليكونوا مشاركين فاعلين في بناء إعلام وطني واعٍ ومنافس على الساحة العالمية.

### التعليم الإعلامي حاجة مستمرة

تُعد التربية الإعلامية ضرورة وطنية؛ حيث تسهم في تشكيل عقول ناقدة قادرة على التمييز بين المعلومات الصحيحة وتلك المُضللة. كما تلعب دورًا في تعزيز المواطنة الرقمية الواعية، التي تحافظ على قيم المجتمع السعودي في ظل التغيرات العالمية. بالإضافة إلى ذلك، تمكّن التربية الإعلامية الشباب من أن يصبحوا منتجين للمحتوى الإعلامي الواعي بدلًا من مستهلكين سلبيين.

لضمان فعالية تطبيق التربية الإعلامية، يُمكن اتباع خطوات مقترحة، منها: أولاً، إنشاء إطار وطني موحد بالتعاون بين وزارة التعليم ووزارة الإعلام وهيئة الإعلام المرئي والمسموع. ثانياً، يجب توفير تدريب متخصص للمدرسين يركز على رفع الوعي حول الأخبار الزائفة وتحليل الرسائل الإعلامية والتعامل مع التكنولوجيات الحديثة. ثالثاً، يُستحسن إضافة مقرر التربية الإعلامية ضمن المناهج الدراسية بمعدل ساعتين أسبوعيًا بدءًا من المرحلة المتوسطة، مع توفير محتوى تعليمي تفاعلي يشمل مقاطع فيديو ومناظرات وتمارين للتحقق من الأخبار. وأخيرًا، يتطلب الأمر إجراء تقييم دوري لقياس قدرة الطلاب على التعرف على المعلومات المُضللة والإنتاج الإعلامي الواعي.

لقد نجحت بعض الدول مثل فنلندا والمملكة المتحدة وكندا والولايات المتحدة في دمج التربية الإعلامية في أنظمتها التعليمية، حيث أثبتت تلك التجارب أهمية تعزيز مهارات التفكير النقدي والتحقق من المعلومات منذ مراحل التعليم المبكرة.

إن تضمين التربية الإعلامية في التعليم العام ليس مجرد خيار إضافي، بل هو ضرورة وطنية تتماشى مع التطورات في الإعلام السعودي. يستحق شبابنا أن يمتلكوا أدوات الوعي والتمييز، وأن يكونوا في صدارة المشهد بدلاً من مجرد تلقي المحتوى.

في الختام، تتاح اليوم فرصة لتحويل هذه الرؤية إلى سياسة تعليمية شاملة تدعم رؤية المملكة، وتحمي الأجيال الجديدة، وتسهم في بناء إعلام وطني واعٍ ومتفوق.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *