في مدينة إدفو بمحافظة أسوان، تتحول ساحة الشيخ مصطفى عبد السلام إلى نقطة زمنية تعيد الناس إلى الأيام الأولى من الإسلام، حيث يظهر المولد النبوي الشريف في صورة روحانية فريدة.
### ساحة الشيخ مصطفى: رمز للزهد والحكمة
منذ عقود طويلة، تُعتبر ساحة الشيخ مصطفى عبد السلام مقصداً للراغبين في الروحانية، نظراً لما تتميز به من سكينة خاصة. يُعرف الشيخ مصطفى بمزجه بين الزهد الروحي والحكمة العملية، مما جعله مقصداً للعلماء والصالحين في صعيد مصر. وقد ورث أبناؤه نهجين مختلفين؛ حيث اختار الشيخ أبو الحسن الزهد التام، بينما استمر الشيخ عبد السلام في الاقتراب من الناس، مجمعاً بين همته الروحية ودوره الاجتماعي، مما جعله شخصاً بارزاً في حياة الأهالي.
### طقوس تعيد أجواء الهجرة النبوية
يصف الشيخ عبد الفتاح عبد الغني، أحد أتباع الشيخ مصطفى، أجواء الاحتفالات، قائلاً إن دخول الساحة في أيام المولد يشعر الفرد وكأنه عبر إلى الزمن الأول من الإسلام. تُفرش الأرض بالبسط البسيطة وتضيء الأنوار الوجوه بالخشوع والفرح، حيث يجتمع المريدون وأبناء الطرق الصوفية والأهالي لإحياء ذكرى المولد النبوي من خلال طقوس متعارف عليها. تختتم الاحتفالات بـ “ختمة ألفية الصلاة على النبي” يليها تلاوة سورة يس، لتنتهي الليلة حول موائد مملوءة بالأطعمة.
### موكب “الهجرة” في شوارع إدفو
ما يميز الاحتفالات هو انطلاق الموكب من قلب الساحة، يتقدمه جمل مزين بالهودج الأخضر، مع فرقة دفوف صوفية تضفي حيوية على الشوارع. يجوب الموكب المدينة، وتتعالى أصوات الزغاريد والمدائح، مما يعيد إلى الأذهان ذكرى الهجرة النبوية. يضيف الشيخ عبد الفتاح أن رؤية الموكب تذكّر الناس برحلة الصحابة في الزمن الماضي، معززاً الإحساس بأن الإيمان هنا أنقى والقلوب أصفى، مما يجعل المكان كأنه لوحة حية من زمن الرسول الكريم.
اترك تعليقاً