نمو الطاقة في العراق: آبار جديدة وسط أزمات اقتصادية

نمو الطاقة في العراق: آبار جديدة وسط أزمات اقتصادية

النفط العراقي: ثروة تحتاج إلى إدارة رشيدة

أدلى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بتصريحات تعكس أن “نفط العراق يكفي العالم لمدة 120 عاماً”، مما يبرز تصورا عميقا لمدى أهمية هذا المورد في السياسة الاقتصادية العراقية. لكن هذه التصريحات تتجاوز كونها مؤشراً على حجم الاحتياطيات، لتسلط الضوء على الإيمان بأن النفط يمكن أن يعزز النمو المستدام. مع ذلك، فإن وفرة النفط ليست ضمانا لتحقيق التنمية المستدامة أو العدالة الاجتماعية. وفي ظل هذا الواقع، يرى العديد من المحللين أن هذه الميزة تُمثل عائقاً أمام التفكير في خيارات بديلة للطاقة، خاصة مع الاتجاه العالمي المتزايد نحو مصادر الطاقة المتجددة.

الاعتماد على الموارد غير المستغلة

وسط هذه الظروف، أعلن عمر الكروي، رئيس مجلس ديالى، عن توقيع عقد لحفر ثمانية آبار جديدة في حقل نفط خانة، مما يعكس استمرارية الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي. وقد أشار الكروي إلى أن شركة نفط الوسط قد توصلت إلى اتفاقات مع شركات دولية، مما يُعتبر إعادة استثمار في حقل يُعَدّ تاريخياً وقد تم تجاهله لعقود. ومع ذلك، فإن هذا التركيز على الاستخراج يعبر عن عدم وجود رؤية استراتيجية لكيفية تحقيق قيمة مضافة وتطوير صناعات بديلة.

الكروي أشار أيضاً إلى أن الحقل يمتد على مساحة تتجاوز 2000 كيلومتر مربع، مما يُظهر الفجوة الكبيرة بين الإمكانيات المتاحة والقدرة الفعلية على الاستغلال الاستراتيجي. وفي غياب خطط واضحة تدعم التكامل الصناعي والاستثماري، تبقى الجهود محصورة في عمليات الاستخراج فقط. كما أشار الكروي إلى وجود دراسات لتحويل الحقل إلى مجمع للبتروكيماويات، لكن تلك الجهود لا تزال في مرحلة البحث والتحليل، مما يزيد من المخاوف بشأن مستقبل الصناعة النفطية في البلاد.

تشير الأرقام الرسمية إلى مفارقات أعمق في هذه النقاشات، حيث أظهر تقرير وزارة النفط أن العراق قد حفر أكثر من 50 بئراً جديدة في عام 2024 وما زال يعتمد على النفط بنسبة تزيد عن 90% في إيرادات الموازنة. ورغم الاحتياطيات الكبيرة، فإن توسيع عمليات الحفر لا يتماشى مع جهود تطوير بدائل اقتصادية، مما يجعل الاقتصاد العراقي عرضة لتقلبات أسعار النفط السائدة. هذه الديناميات تتكرر، مما يشير إلى خطر استراتيجي واضح.

في سياق آخر، قررت منظمة أوبك زيادة حصة العراق الإنتاجية، وهو ما يُعتبر فرصة لإعادة التفكير في كيفية إدارة هذا المورد، ولكن يبدو أن التركيز قد زاد على العوائد السريعة. يرى الخبراء أن هذه النتائج قصيرة الأمد قد تجعل العراق أكثر عرضة للمخاطر في المستقبل. في المقابل، اتخذت دول مثل النرويج والسعودية خطوات هامة نحو بناء اقتصادات متنوعة، بينما لا يزال العراق محصوراً في إطار اعتماده على الثروات النفطية.

تظل الأسئلة مفتوحة: هل ستسهم حفر الآبار الثمانية في بداية تحول نحو إنشاء قاعدة صناعية متكاملة؟ التحدي الحقيقي هو ليس فقط في حجم الاحتياطيات، بل في قدرة الدولة على استغلال هذه الإمكانيات لتحقيق مشروع اقتصادي مستدام ومتنوع. ولا تزال الإجابة غير مؤكدة، مما يُظهر ضرورة ملحة لإعادة التفكير في السياسات النفطية وإدارة الثروات.