أين ذهبت سيولة السوق السعودي؟

أين ذهبت سيولة السوق السعودي؟

استثمار الأموال وتحقيق العوائد

يسعى المستثمرون جاهدين لزيادة ثرواتهم من خلال الحصول على أعلى عائد ممكن مع تقليل المخاطر. ومع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، بدأت البدائل الاستثمارية بعيدًا عن سوق الأسهم السعودية تكتسب مزيدًا من الاهتمام، مما أدى إلى إعادة تنظيم الكثيرين لمحافظهم الاستثمارية.

تنويع الخيارات الاستثمارية

يتضح هذا الاتجاه من خلال الزيادة الملحوظة في نسبة الودائع الزمنية والإدخارية في المعروض النقدي، حيث بلغت أعلى مستوياتها منذ عام 2009 وفقًا للبيانات الصادرة عن البنك المركزي السعودي. في الوقت نفسه، شهدت السوق المالية “تاسي” انخفاضًا في قيم التداولات، ليصل إلى أدنى مستوياته خلال 33 شهرًا، مما يشير إلى تفضيل المستثمرين للسيولة في خيارات أخرى.

قد بلغت إجمالي الودائع الزمنية والإدخارية نحو 1.1 تريليون ريال، مع زيادة قدرها 193 مليار ريال خلال عام واحد. وتظهر التحليلات الإحصائية وجود علاقة عكسية بين نمو هذه الودائع وتراجع السيولة في السوق، حيث يمكن تفسير حوالي 25% من تراجع قيم التداول بزيادة الودائع.

تعكس زيادة الودائع تأثير أسعار الفائدة، والتي لم تقتصر على الودائع فقط، بل شملت أيضًا أدوات الدين التي شهدت طلبًا متزايدًا، كما يتضح من حجم الإصدارات لأدوات الدين الاستثماري سواء من الحكومة أو القطاع الخاص، خاصةً البنوك. كما زادت أصول الصناديق العامة في أدوات الدين وأسواق النقد بمقدار 33.3 مليار ريال خلال عام، وفقًا لبيانات هيئة السوق المالية.

من ناحية أخرى، تراجعت جاذبية الأسهم السعودية نتيجة ارتفاع العائد الخالي من المخاطر، والذي يتجلى في عوائد السندات الحكومية لأجل عشر سنوات، التي تصل إلى نحو 5%. وفقًا للنظريات المالية، يتطلب المستثمر في الأسهم عائدًا أكثر من هذا المستوى لتعويض المخاطر الإضافية المرتبطة بالاستثمار.

تشير تقديرات أستاذ المالية بجامعة نيويورك “داموداران” إلى أن علاوة المخاطرة في السوق السعودي تبلغ 5.6%، مما يعني أن العائد المطلوب على الأسهم يصل إلى 10.6%، وهو ما يتماشى مع مكرر ربحية قدره 9.4 مرة. في المقابل، يتداول السوق حاليًا عند مكرر 13.4 مرة استنادًا إلى الأرباح المتوقعة للعام المقبل وفقًا لبيانات “بلومبرغ”.

يعكس هذا الفارق حاجة المستثمرين إلى إما رفع توقعاتهم لنمو أرباح الشركات بنحو 43% في الفترة المقبلة لتبرير المكررات الحالية، أو أن تنخفض عوائد أدوات الدين إلى مستوى 1.9% لتعزيز جاذبية الأسهم بالأسعار الحالية.