فارق كبير بين سلطة مؤقتة محددة المهام والمدة والشروط، وبين حكومة دائمة ذات مشروع كامل يؤسس للدولة الليبية، التي يريدها الليبيون، فما يؤثر ويستدعي المناقشة والتفتيش في النوايا والتوجهات واتخاذ موقف هو المشروع الدائم وتوجه الدولة بعد اكتمال أركانها واستيفاء شروطها، وهو ما سيحدد مستوى العلاقة معها بعد ذلك. ومع عدم التقليل من دور الحكومة الانتقالية أو تضخيمه إلا أنه يبقى دوراً محدوداً ومشروطاً ولا يعبر عن مشروع دائم، لكن بعض القوى في تعاطيها مع الحدث بينت الفوارق الكبرى في استيعاب النتائج.
انتخاب السلطة الليبية المؤقتة
تجدر الإشارة إلى الأحداث والشخصيات التي أوصلت البلاد إلى هذه المرحلة السياسية الحساسة، وهنا نذكر رئيسة بعثة الامم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني ويليامز، التي تعتبر أحد أهم الشخصيات التي لعبت دوراً هاماً في عقد ملتقى الحوار الوطني الليبي وتأسيس خارطة الطريق السياسية للوصول إلى الانتخابات، ودفع الأطراف المتصارعة إلى الرضوخ لمخرجات الملتقى، لكن لا شك في أن هناك خفايا صاحبت انتخاب السلطة الليبية المؤقتة والعديد من التفاصيل والتساؤلات حول النوايا التي تكنّ بها ويليامز حول ميولها وتوجهاتها.
لايثق الشارع الليبي بستيفاني ويليامز لعدة أسباب، بدأت بعد أن عرضت ويليامز قائمة الأسماء المشاركة في ملتقى الحوار في بدايته، والتي كان معظمها ممن ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين، الذين لايخفى على أحدٍ بأنهم أذرع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، علاوة على كونهم فاقدين للحاضنة الشعبية، الأمر الذي أثار استغراباً عن مدى فاعلية وتمثيل هؤلاء الأعضاء لأطياف المجتمع الليبي، تكشفت فيما بعد العديد من الفضائح المتعلقة بملتقى الحوار وذلك عندما انتشرت تسجيلات مسرّبة على واقع التواصل الاجتماعي أكَدت بأن جماعة الإخوان المسلمين قاموا بشراء الأصوات من أعضاء الملتقى للدفع بمرشحيهم لاستلام مناصب سيادية في السلطة الانتقالية الجديدة، الأمر الذي أثار سخطاً شديداً وسط الشارع الليبي، والذي ردت عليه ويليامز بفتح تحقيق فقط بهذه القضية، دون أي ضمانات تذكر.
ستيفاني ويليامز
يرى العديد من المحللين السياسيين بأن ستيفاني ويليامز نفذت دورها كراعٍ للأجندات الأمريكية ببراعة، حيث أصبحت الآن متحكمة بالمستقبل السياسي لليبيا بشكل كامل، بسبب تجاهل ملتقى الحوار لمطالب الشعب الليبي عمداً، حيث تجاهل رفض الليبيين للعديد من أعضائه ورفض مطالبهم بعدم السماح للمسؤولين المتواجدين في السلطة حالياً من الترشح للحكومة الجديدة، ولم يستطع تقديم أي دلائل على نزاهته ومصداقيته.
وفي ضوء ما سبق نستطيع القول بأن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وستيفاني ويليامز لم يكترثوا يوماً لآراء المواطن الليبي، وبالرغم من هذه التدخلات الخارجية والمساعي لتحقيق المصالح الغربية لاستغلال ثروات البلاد، يرتبط مستقبل ليبيا بشعبها وبتمسكه في حقه بتقرير مصيره وايجاد حلول للأزمة في ليبيا.