«إمارات السلام: تعزيز تراث الموصل وقيم التسامح عالمياً»

«إمارات السلام: تعزيز تراث الموصل وقيم التسامح عالمياً»

إحياء روح الموصل

على مر العصور، كانت الموصل تمثل رمزًا للتواصل بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، مما جعلها ملتقى لمجموعة متنوعة من الأجناس والثقافات. تجسد هذه المدينة مفاهيم التعددية والتسامح والاحترام المتبادل، وقد أصبحت موقعًا فريدًا يمتاز بآثاره ومبانيه التي تحمل في طياتها قصص التراث وتاريخًا عريقًا.

استعادة الهوية الثقافية

لم يكن من السهل الحفاظ على هذه الروح، إذ تعرضت المدينة لهجوم من عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي في يوليو 2017، مما أدى إلى تدمير نحو 80% من معالمها الفريدة، مثل جامع النوري ومئذنته الحدباء وكنيستي الساعة والطاهرة، فضلاً عن ضياع العديد من المخطوطات والقطع الأثرية النادرة. في فبراير 2018، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “يونسكو” مبادرة “إحياء روح الموصل” خلال مؤتمر في الكويت، بهدف تجديد الأمل في استعادة مكانة الموصل وما فقدته من رموز وهوية ثقافية.

قدمت الإمارات دعمًا كبيرًا لأشقائها في العراق، حيث قدمت تمويلاً قدره 184 مليون درهم (حوالي 50 مليون دولار أمريكي) للمساهمة في إعادة إعمار المعالم المدمرة، مما نال تقدير العالمين العربي والدولي. اليوم، تستعيد الموصل حياتها بفضل الجهود المتضافرة التي بدأت بإعادة بناء جامع النوري ومئذنته الحدباء، تلتها مراحل إعادة إعمار كنيستي الساعة والطاهرة، ودعم من الاتحاد الأوروبي لترميم معالم أخرى.

لم يقتصر مشروع “إحياء روح الموصل” على إعادة بناء المباني الأثرية، بل شمل أيضًا تقديم الدعم للسكان من خلال توفير التعليم والثقافة. وأشار المهندس رشاد بوخش، رئيس جمعية التراث العمراني، إلى أن هذه المبادرة تمثل نقطة تحول في حماية التراث الثقافي، إذ أعادت الحياة للجامع النوري ومنارته الحدباء التي كانت رمزًا لصمود أهل الموصل، وكنيسة الطاهرة التي تعكس التنوع الثقافي والديني. وأكد بوخش أن المبادرة تحمل رسالة إنسانية تفيد بأن التراث هو ملك للبشرية جمعاء، وأن علينا واجبًا أخلاقيًا في حماية الذاكرة التاريخية.

يمثل هذا المشروع صورة رائعة من التعاون العربي، حيث وقفت الإمارات بجانب العراق لتؤكد على أهمية حماية التراث الثقافي وإعادة إعمار المدن التي دمرتها الحروب. ستظل هذه الجهود دليلًا على التزام الإمارات بدعم الثقافة والتراث على المستويين الإقليمي والدولي، وتعزيز مكانة الموصل كجسر حضاري وثقافي عبر العصور.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *