الأردن… وطن نختزنه في قلوبنا، لا في الشعارات #عاجل - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة
جو 24 :

كتب  كابتن أسامة شقمان - في زمنٍ تتقاذفه العواصف، وتضيع فيه الأوطان بين فوضى الحروب وضجيج الشعارات، يبقى الأردن قصة مختلفة… ليس لأنه الأغنى، ولا لأنه الأكبر، بل لأنه الأصدق. وطن صغير بمساحته، كبير بمعناه، عميق بجذوره، ثابت في ملامحه كالجبل، دافئ في حضنه كالأم، وهادئ كصلاة في ليلٍ طويل.

لسنا بحاجة إلى بحار من النفط، ولا إلى مدن ناطحات، لأننا نملك ما لا يُشترى: نملك الإنسان الأردني… بقلبه، ووعيه، وكرامته. نملك نعمة اسمها "الاستقرار"، وندرك قيمتها في عالم يتهاوى فيه المعنى الحقيقي للوطن.

من دمشق إلى بيروت، من بغداد إلى صنعاء… رأيت بعيني، كطيار زار أكثر من 70 مدينة في هذا العالم، كيف تنكسر الأوطان حين يغيب الأمان، وكيف يصبح الحنين وجعًا حين لا تجد وطنًا تعود إليه. لكنني، في كل مرة تلمس فيها عجلات الطائرة أرض عمّان، أشعر أنني أعود إلى الحياة… لا إلى المطار.

الأردن ليس مكانًا نعيش فيه، بل شعور نعيش به. الأمان هنا لا يُقاس بكاميرات المراقبة، بل بثقة الناس في بعضهم. الكرامة لا تُمنح من سلطة، بل تُصان بقانون، ويُقاتل من أجلها جندي، ويُحترم بها عامل، ويُعلّمها معلم.

وطننا لا يُبنى بالأغاني، ولا بالشعارات التي تذوب في أول خلاف. الولاء الحقيقي ليس رفع العلم في المناسبات فقط، بل رفع اسم الوطن في كل سلوك يومي… في احترام القانون، في إتقان العمل، في الأمانة، في النزاهة، في أن تترك أثرًا طيبًا كلما سرت في طريق. الوطنية ليست خطابًا، بل التزامًا، وموقفًا، وقرارًا بأن تكون على قدر مسؤولية الانتماء.

الأردن ليس شرقًا ولا غربًا، ليس مسلمًا ولا مسيحيًا، ليس عشيرة ولا جهة. إنه كلّ من حمل رقمًا وطنيًا ومشى على ترابه، وصدّق أن الوطن لا يُهدى، بل يُبنى. نحن نعيش في وطن إذا ضاع لا يُعوّض، وإذا انهار لا يُعاد.

نعم، نعاني. لدينا بطالة، وغلاء، وبيروقراطية تُتعب الأرواح. لكننا نملك مؤسسة، ودولة، وجيشًا، وأجهزة أمنية هي الحائط الأول في وجه العاصفة. من الملك إلى الجندي، من المزارع في الغور إلى المعلمة في قرية نائية… كلنا خط الدفاع الأول عن هذا الوطن.

فلنتوقف عن جلد الذات، ولنزرع في أطفالنا حبّ الأردن لا كأرض فقط، بل كقيمة. لنتعلم أن اختلافنا قوة لا نقمة، وأن الكلمة الطيبة قد تنقذ وطنًا، وأن جرح الوطن لا يُشفى بطعنة.

اللهم احفظ الأردن، واحفظ قيادته، واحمِ شعبه. واجعلنا من الذين يحبون الوطن حقًا… لا بالقول، بل بالفعل.

.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق