عرب فايف

الاقتصاد الأوروبي يتحدى العاصفة: نمو مفاجئ يربك حسابات ترامب ويؤجل الركود - عرب فايف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الاقتصاد الأوروبي يتحدى العاصفة: نمو مفاجئ يربك حسابات ترامب ويؤجل الركود - عرب فايف, اليوم الخميس 1 مايو 2025 06:09 صباحاً

 في وقت كان فيه العالم يتوقع سقوطًا وشيكًا لاقتصاد منطقة اليورو في هوة الركود، باغتت أوروبا الجميع بنتائج اقتصادية إيجابية فاقت التوقعات، متحدية بذلك الضغوط الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. فقد أظهرت بيانات حديثة صادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات" نموًا ملحوظًا في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من عام 2025، ما أعاد فتح النقاش حول مرونة الاقتصاد الأوروبي في مواجهة الأزمات المتعددة.

خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، سجل اقتصاد منطقة اليورو نموًا نسبته 0.4%، في حين لم يتجاوز النمو المتوقع 0.2%، مما شكل صدمة إيجابية للأسواق والمحللين على حد سواء. أما مجمل الاتحاد الأوروبي، فقد حقق نموًا نسبته 0.3%، ما يعكس تعافيًا طفيفًا لكنه حيوي في ظل حالة الشك التي خيمت على القارة منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتها المتواصلة على أسعار الطاقة وسلاسل التوريد.

مناورة أوروبية ذكية أم انتعاش مؤقت؟

يشير خبراء الاقتصاد إلى أن هذا النمو المفاجئ ليس نتاج تحسن جوهري في الأداء الاقتصادي بقدر ما هو نتيجة استراتيجية منسقة للمناورة التجارية، إذ بادرت عدة شركات أوروبية إلى تسريع وتيرة التصدير إلى الولايات المتحدة قبل دخول الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب حيز التنفيذ.

في هذا السياق، كانت إيرلندا في طليعة الدول المستفيدة، حيث ارتفعت صادراتها إلى أميركا بنسبة هائلة بلغت 210% في فبراير وحده، و90% منها كانت في قطاعات الأدوية والكيماويات. هذا الارتفاع ساهم في دفع الناتج المحلي الإجمالي لإيرلندا إلى نمو غير مسبوق بنسبة 3.2% في الربع الأول وحده.
 

وقالت فرانزيسكا بالماس من مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس": "النتائج الحالية تبعث على التفاؤل، لكنها تعكس أيضًا حركة استباقية وليست مؤشراً على تعافٍ دائم. نتوقع تباطؤاً واضحاً خلال الأشهر الستة المقبلة مع بدء تأثير الرسوم الأميركية فعليًا".

بين الأداء المتفاوت وحذر الأسواق: دول تتقدم وأخرى تتراجع

الأداء الاقتصادي لم يكن متوازنًا بين دول منطقة اليورو. فقد برزت إسبانيا بنمو قوي نسبته 0.6%، بينما كانت فرنسا الحلقة الأضعف بنمو لا يتجاوز 0.1%، متأثرة بحالة عدم استقرار سياسي وخطط تقشف حكومي تهدد بثقة الأسواق.

أما ألمانيا وإيطاليا، ورغم الضغوط، فقد سجّلتا نموًا إيجابيًا بلغ 0.2% و0.3% على التوالي، مستفيدتين من قطاع التصنيع الذي ما يزال يمثل درعًا واقيًا في وجه الاضطرابات العالمية.

سياسات نقدية داعمة... ولكن هل تكفي؟

من جهته، واصل البنك المركزي الأوروبي تقديم الدعم عبر سياسات تيسير نقدي متواصلة، حيث قام بتخفيض أسعار الفائدة في 17 أبريل للمرة السادسة على التوالي، في محاولة لتحفيز النمو واحتواء تداعيات السياسات التجارية الأميركية.

إلا أن رئيسة البنك، كريستين لاغارد، حذّرت من أن البيئة الاقتصادية لا تزال مهددة، مؤكدة أن "الرسوم الجمركية تؤثر سلبًا على الصادرات والاستثمارات وثقة المستهلكين"، مشيرة إلى أن الأفق الاقتصادي الأوروبي لا يزال غائمًا رغم بصيص الضوء الحالي.

وبينما تستفيد بعض الدول الأوروبية مؤقتًا من الطلب الأميركي المرتفع، فإن صندوق النقد الدولي يرى الصورة مختلفة تمامًا. فقد خفض توقعاته لنمو منطقة اليورو في 2025 إلى 0.8% فقط، مقارنة بـ 0.4% في 2024، محذرًا من أن الضغط الجمركي والتوترات الجيوسياسية يمكن أن تعمّق الركود، لا أن تؤجله فقط.

أوروبا في مفترق طرق اقتصادي

ما بين الارتياح النسبي في نتائج الربع الأول وقلق الأسواق من تراجع قادم، تقف أوروبا على مفترق طرق. هل تنجح في مواصلة الصمود، أم أن المفاجأة الحالية ليست سوى هدوء يسبق العاصفة الاقتصادية الكبرى؟ الأيام المقبلة ستحمل الإجابة، لكن المؤكد أن معركة أوروبا مع الركود لم تُحسم بعد.

 

أخبار متعلقة :