يزخم هذا الربيع في العمل الديمقراطي والمشاركة في الاختيار وصنع القرار من خلال انتخابات النقابات المهنية، إذ شهدنا انتخابات نقابة الصحفيين والأطباء والممرضين والمهندسين الزراعيين، ومن ثم في قادم الأيام سيشهد مجمع النقابات المهنية انتخابات نقابة المحامين والمهندسين وأطباء الأسنان والصيادلة.
إن النقابات المهنية بدأت من عمر الدولة ونشأتها، وهي من أركان العمل المدني الاجتماعي حيث ساهمت في تطوير الدولة في مختلف المجالات والأصعدة، بالإضافة إلى تأثيرها ودورها في التشريعات ورسم السياسات التي شكلت الأساس لبناء الدولة، ولا ينكر أحد دورها في اعتبارها منصة للحوار السياسي والاجتماعي.
إن الدستور الأردني أعطى حق تأليفها وتأسيسها للأردنيين وفق نصوصه؛ فالمادة 16 منه جاء فيها: "للأردنيين حق تأليف الجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية..."، وهذا النص جاء متناسقاً مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الدولي والمواثيق الدولية التي ضمنت للأفراد حق تأسيس النقابات والعمل تحت مظلتها، نظراً لدورها الكبير في تعزيز المشاركة الشعبية وفي صنع القرار ولو كانت لفئة معينة فهي تنظيمات قانونية للأفراد يعملون ويجتمعون في مهنة لغايات وأهداف منها الدفاع عن حقوق المنتسبين إليها وحقوق الأعضاء فيها وتنظيم المهنة والعمل على تطورها.
يشارك في النقابات المهنية عدة ألوان سياسية وتيارات مختلفة، وفي فترة من الفترات كان للنقابات المهنية دورها في قيادة الرأي العام والشارع، وكانت تلعب أدواراً سياسية متعددة، ومما لا شك فيه بأن العمل العام يرتبط حكماً في السياسة وما تنتجه، ولكن الأصل أن تبقى النقابات المهنية مهنية اجتماعية خدمية، وأن يقتصر دورها على تنظيم وتحسين الظروف المهنية لأعضائها، فلا أحد ينكر دورها في تطور الدولة الأردنية نظراً لنجاحها وتحقيقها التوازن والحفاظ على حقوق منتسبيها والمساهمة على امتداد عمر الدولة في دعم الاستقرار، بحيث ظل لها الحظوة والتأثير في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية رغم ما تواجهه أحياناً من صعوبات في بعض الاحيان، ولهذا السبب أيضاً يجب أن لا تتغول على دور الأحزاب السياسية في العمل السياسي، والأصل أن تقوم الأحزاب بالدور السياسي على اختلاف مشاربها وأيديولوجياتها وأفكارها، لكونها جامعة البرامج وأنها متاحة للعامة.
أما النقابات فترتبط بمنتسبيها الذين تنطبق عليهم الشروط للحصول على عضويتهم فيها، لذلك فإن هذا الربيع ووفق المتابعين للمشهد سيشهد تغييرات في الألوان السياسية التي سوف تصل إلى مجالس تلك النقابات سواءً لمراكز النقيب أو الأعضاء أو القوائم، وأغلبها سيكون لها لونها السياسي الصريح والواضح، كما سيغلب على هذه المجالس الشخصيات ذات البُعد الوطني المستقل غير المؤدلج، ونتمنى أن تعزز نشاطها الخدمي المهني لمنتسبيها لما يحقق الغايات المرجوة منها.
أخبار متعلقة :