العدوان الصهيوني المستمر على غزة هل هو "حرب " ام "إبادة جماعية ممنهجة" - عرب فايف

0 تعليق ارسل طباعة

 العدوان المستمر على غزة ارضا وشعبا ومؤسسات ومقومات حياة منذ السابع من اكتوبر 2023 هو أحد أكثرالقضايا إثارة وحضورا على الساحة العربية والإقليمية والدولية، حيث ترتكب إسرائيل منذ هذا التاريخ إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 150 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت ألاف الأطفال والمسنين والنساء، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

إن اللغة او المصطلحات المستخدمة لوصف هذا العدوان تحمل دلالات عسكرية وسياسية وقانونية وإنسانية وأخلاقية عميقة. من المهم توخي الحذر عند استخدام مصطلحات مثل "حرب” لوصف الهجوم الذي تشنه إسرائيل على غزة، لأن هذه الكلمة قد تحمل معاني قانونية وسياسية معينة تؤثر في كيفية تفسيرالأحداث وتبريرها. وفيما يلي اسوق بعض الأسباب التي تفسر لماذا يجب عدم استخدام مصطلح "حرب” في هذه الحالة:

1. عدم التماثل في القوة:

تُوصف "الحرب" تقليديًا بأنها صراع بين دول أو أطراف متكافئة نسبيًا في القوة العسكرية. بينما في حالة غزة، فإن القوة العسكرية والتكنولوجية لإسرائيل مدعومة من امريكا وبعض الدول الغربية متفوقة جدًا ولا تقارن بقدرات المقاومة الفلسطينية (مثل حماس أو الجهاد الإسلامي). هذا التفاوت الهائل يجعل الوصف بـ"الحرب" غير وارد ويفرض تساوٍغيرصحيح بين الطرفين ، ومعظم المحللين يرون أن المصطلح الأقرب هو "هجوم عسكري أحادي الجانب" هدفه الإبادة والتهجير القسريوأحتلال ارض الغير بالقوة.

2. السياق القانوني الدولي:

وفقًا للقانون الدولي، "الحرب” تشير إلى نزاع مسلح بين دولتين ذات سيادة. في حالة الهجوم الصهيوني المدعوم امريكيا على قطاع غزة غير المعترف به كدولة، الذي يقع تحت حصار اسرائيلي مستمر منذ 16 عاما ولا يُعتبر دولة ذات سيادة، لا ينطبق عليه التعريف التقليدي للحرب.والمحللون المحايدون يعتبرون أن مصطلح "حرب" يُضفي شرعية غير مبررة على إسرائيل كدولة معتدية مقابل "جماعة مسلحة" (حماس) تقاوم كيانا محتلا هدفه الإستيلاء على الأرض الفلسطينية والقضاء على اهلها او تهجيرهم.

3. الاحتلال والصراع الطويل الأمد:

تعتبرإسرائيل جسب القوانين والقرارات الدولية قوة محتلة للأراضي الفلسطينية التي احتلتها عام 1967 (بما فيها غزة، رغم الانسحاب الأحادي عام 2005، بسبب الحصار والسيطرة على المعابر والمجال الجوي والبحر). في هذا السياق، يُنظر إلى الهجمات كجزء من ديناميكية وإستراتيجية وعقيدة الاحتلال وليس كـ"حرب" بين أطراف متساوية.

4. الهدف السياسي والإعلامي:

في بعض الأحيان، يمكن أن يُستخدم مصطلح "حرب” لتبرير الهجوم أو لخلق سياق يسمح بتخفيف المسؤولية الدولية. التقليل من استخدامه يساعد في تعزيز التركيزعلى المساءلة القانونية والسياسية لدولة الكيان الصهيوني وقادتها ويضعف من حملاتها الإعلامية المشوهة التي تصف هجومها العسكري والإبادة الممنهجة ضد غزة والشعب الفلسطيني بأنها للدفاع عن النفس.

5. تأثير المصطلح على الرأي العام:

كلمة "حرب" توحي بوجود طرفين متساويين في المسؤولية، مما يخفف من حدة الإنتقادات والإدانات للجانب الأقوى (إسرائيل). في المقابل، استخدام مصطلحات مثل "هجوم عسكري" أو "عدوان" او "إبادة جماعية" يعكس رؤية حقيقية ترى أن الضرر يطال المدنيين ومقومات الحياة بشكل يتعارض مع القوانين الدولية بل يشكل انتهاكا صريحا لها.

6. البعد الإنساني:

وصف العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة بـ"الحرب" يُبعد التركيز عن المعاناة الإنسانية في غزة، حيث أن أفعال القتل المباشر والحصار التام والتجويع والتدميرالمتعمد للبنية التحتية المدنية والهجمات على مرافق الرعاية الصحية وأفعال أخرى مثل الاعتقال والاحتجاز الجماعي العشوائي والقتل والحرق والاغتصاب والتعذيب وتدمير المدارس والمستشفيات والمساجد والمؤسسات الحيوية والسرقة والتدنيس والتشويه للمتوفين وعدم التمييز بين المسلحين والمدنيين وتدمير المواقع الثقافية والتعليمية وغيرها، هي أفعال ترتكب تحت تصنيف الإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة ولا تقع تحت عنوان " الحرب" المتعارف عليها.

وفي الختام يتوجب على المنابر الإعلامية وخاصة الأردنية والعربية ووسائل التواصل الإجتماعي الحذر وعدم استخدام مصطلحات مثل "حرب” لوصف الهجوم العسكري الذي تشنه إسرائيل على غزة والمجازر والإبادة الجماعية التي ترتكبها ، وإستخدام مصطلحات أخرى مثل "هجوم”، "عدوان”، أو "اعتداء” او "إبادة جماعية " وغيرها من المصطلحات التي تصور وتنقل هذه المأساة غير المسبوقة في التاريخ البشري .

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق